مقدمة في تطوير الذات
المقصود بتطوير الذات هو سعي الفرد أو الشخص لرفع مستوى شخصيته وأدائه من الداخل (داخل الإنسان أو الشخص نفسه) ومن الخارج من ناحية مهاراته وعطائه.
فمثلا أن أسمى أهداف الإنسان المسلم وغاياته هو الوصول إلى الجنة ولابد أن يصرف حياته كلها في سبيل هذا الهدف ولذا فمن المفترض أن يكون هذا الهدف أول الأولويات وأن تقاس باقي أهداف الإنسان من حيث أهميتها على هذا الهدف .فالسعي لتحصيل المال كهدف مثلاً لابد أن يتماشى مع هذه الغاية في الوصول للجنة وكذلك الأمر مع أي هدف دنيوي آخر غير جمع المال .
ولذلك يجب أن يعي الجميع النقاط التالية :
• تطوير الذات لا يخرج عن مقاصد الشريعة فلا يطلب الإنسان تطوير نفسه بما لا يتفق مع الثوابت الشرعية.
• تطوير الذات لا ينفك عن تزكية النفس من الناحية وهو الوصول إلى كمال الإيمان وتطهير النفس مما يخدش الإيمان بل هو حالة خاصة من تزكية النفس فهي الأصل الذي يسعى إليه كل مؤمن عاقل.
• تطوير الذات هو مهمة مستمرة دائما لا تتوقف عند حد أو عمر.
أهمية تطوير الذات
أن عملية تطوير الذات والحث عليها يعد عنصر مهم ومهم جداً في المجتمعات بشكل عام وخصوص في العصر الحديث مع تنامي الحركة الاقتصادية والتنموية حول العالم ، فلا شيء ثابت في هذا الكون سوى التغيير وهو قادم وواقع لا محالة فمن لا يتقدم يتقادم ولذلك يجب على كل عاقل أن يطور نفسه.
*سوق العمل الجديد لا يرحم ويحتاج إلى مهارات ومعلومات جديدة فإذا لم تكن ممن يضيف جديدا عليه فستصعب عليك المنافسة والحصول على الفرص الممتازة.
وضغوط الحياة تزداد ولا بد من أن تتعلم طرق جديدة ومفيد ة للتعامل معها
أركان تطوير الذات المهمة
من واقع خبرتي مع كثير ممن ساعدتهم في تطوير أنفسهم هنالك أربعة أركان رئيسة لتطوير الذات لا يتم المنهج إلا بها وهي :
1 - معرفة رسالتك ورؤيتك وأهدافك في الحياة.
2 - معرفة كيف تتواصل مع نفسك ومع الآخرين.
3 - معرفة كيف تتعلم.
4 - معرفة كيف تدير أمورك المالية وإتقان مهارات الاستقلال و الاكتفاء المالي.
أولى خطوات تطوير الذات
نزل أحدهم من بيته ووقف أمام الباب وهو في كامل أناقته وحسن هندامه ..
أخذ يشير بيده إلى سيارة أجرة وبالفعل لم تمر بضع ثواني حتى توقفت أمامه سيارة أجرة ..
فتح الباب وركب السيارة فنظر إليه السائق في أدب واحترام وسأله : إلي أين تريد الذهاب يا سيدي؟
صمت صاحبنا برهة غير قصيرة والسائق ينتظر رده وعندما طال انتظاره ..
سأل الراكب مرة أخرى وقال له: عفواً أين تريد أن نتوجه يا سيدي؟
رفع الراكب رأسه وتنحنح وكأنه يبحث عن صوته ولمع في عينيه حيرة محبطة ملأت المكان وقال .... لا أدري !
لم يصدق السائق نفسه وقال ماذا؟ لا تدري إلى أين تذهب؟
جاء الرد خجولاً مهزوزاً نعم !
سؤالي لك ماذا سوف تفعل لو كنت أنت هذا السائق؟ هل سوف تطرد الراكب؟ أم هل تشك في قواه العقلية؟ أو ماذا أنت فاعل؟ مهما يكن رد فعلك فلا أظن أنك ترضى عن سلوك ذلك الراكب وهذه حقيقة فكلنا في الغالب لن نرضى عن مثل هذا السلوك من الضياع والحيرة ..
ولكن هل سألت نفسك أين تريد أن تذهب بحياتك أنت بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؟
هل عندك وجهة تولي وجهك شطرها؟ هل تعرف إلى أين تقود عربة حياتك؟
هذه الأسئلة قد تكون غريبة بعض الشيء ولكنها مهمة جداً حتى لا يكون المرء في حياته مثل ذلك الراكب التائه الذي لا يدري أين يذهب !
إن أول خطوات تطوير الذات بل إن أهم خطوات النجاح في الحياة على الإطلاق هي معرفة الإنسان لرسالته وهدفه في الحياة التي تصبح ضرباً من العبث أو على أحسن الأحوال مكافحة المشاكل والعيش في منطقة ردود الأفعال فكيف يمكن للمرء أن يكون مبادراً وهو لا يعرف ما يريد !
والحمد لله أننا نحن المسلمون نعلم أن لنا غاية رئيسة من الوجود على الأرض وهي عبادة الله بالاستخلاف في هذه الدنيا وعمارتها ولنا في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسوة حسنة لمن يريد أن يكون صاحب رسالة في الحياة
ولنا كذلك أسوة في أصحابه من بعده الذين ملأوا الدنيا علماً وعدلاً ونوراً؛ فذاك همه تعليم الناس القرآن وذاك همه إقامة حكم الله في الأرض بما يرضي الله وثالث همه نشر العلم وآخر شراء ما يحتاج الناس وتوفير الأمن والاستقرار لهم وآخر همه النصح والإرشاد وهلم جراً..
وحتى تكتمل معرفة الإنسان بنفسه لابد أن يتعرف على منظومة القيم والمعتقدات عنده و التي تجعله يختلف عن أي إنسان آخر والتي تؤثر في كل قراراته وأحكامه والتي تبنى عليها الرؤية والرسالة والأهداف في مجمل حياته. وهذا الأمر الممتع الجميل أشبه ما يكون برحلة استكشاف في أعماق النفس البشرية والتعرف عليها بشكل أقرب وأدق .
ومازلت إلى هذه اللحظة أشعر بمتعة كلما تذكرت تلك الرحلة التي قمت أنا بها شخصياً في نفسي وخرجت منها برسالتي في الحياة .
ثاني خطوات تطوير الذات
لأن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يستطيع أن يعيش بمفرده فإني أعتقد أن ثاني أهم مراحل تطوير الذات من وجهة نظري الشخصية هي مهارات التفاهم والتواصل الفعال مع النفس أولاً ومع الآخرين ثانياً وهذا الأمر حرصت عليه ان شاء الله بمعرفة لماذا نختلف وكيف يمكن أن نتواصل بشكل فعال في ظل هذا الاختلاف الطبيعي بين البشر دون أي إحباط أو توقعات أعلى أو توهم بأن المفروض ألا يكون هناك خلاف يعتبر أهم حقيقة في تطوير الذات ومساعدتها لتعيش حياة أفضل .